نظمت جماعة برشيد بشراكة مع جمعية مهرجان برشيد ندوة فكرية بعنوان: “مدينة برشيد: تاريخ الإنسان والعمران” على هامش الدورة 22 من المهرجان الصيفي للثقافة وفن التبوريدة والذي اختير له شعار: “تثمين تراث مدينتنا مسؤولية الجميع”، وذلك يوم الأربعاء 30 غشت 2023 بالخزانة الوسائطية البلدية (المارابو) ببرشيد على الساعة السابعة والنصف مساء.
أطر أشغال هذا اللقاء العلمي ثلة من الباحثين يتقدمهم الدكتور محمد رشيد اكديرة الذي سير أطواره، بعد أن قدم توطئة تعريفية وتحسيسية بأهمية دراسة تاريخ وتراث المنطقة، ومؤصلا لعدة مفاهيم ذات ارتباط، ممهدا بذلك للمداخلتين المبرمجتين في هذه الندوة.

في المداخلة الأولى، عالج الباحث طارق الهامل قضايا مرتبطة بالتراث المادي للمنطقة من خلال محاولة الإجابة عن أسئلة إشكالية مرتبطة بنشأة وتطور مدينة برشيد والتعريف بأبرز المعالم الأثرية للمدينة المندرسة منها والتي لا تزال آثارها بادية، مؤكدا في معرض حديثه على أن المنطقة تزخر بشواهد مادية تخفي تاريخا مجيدا وتحفظ ذاكرتها وهويتها، مقدما لعدة نماذج من التراث المعماري المحلي (قصبة مرجانة، القصبة الرشيدية…) والتراث الأجنبي/الكولونيالي (مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، مرصد ابن رشد، القاعدة الجوية الأمريكية…). واختتم مداخلته بتقديم مجموعة من التوصيات من أجل صون وتثمين هذه المعالم وغيرها.
وفي المداخلة الثانية، قارب الباحث التهامي حبشي لنشأة وتطور المدينة وفق مقاربة سوسيولوجية، مرتكزا على دراسات جاك بيرك. فقدم في البداية تعاريف لمفهومي التحضر والمدينة، وأبرز بعد ذلك العلامات الرئيسية لاعتبار المدينة حسب ما أورده بيرك والمتمثلة في المئذنة (المسجد) والمسورة والمدرسة…، ورصد للعوامل الطبيعية والبشرية المساهمة في تطورها وازدهارها، وأفرد حيزا مهما للحديث عن دور السلطة المحلية في هذه السيرورة من خلال نموذج عائلة الرشيد العريقة التي جمعت بين النسب الإدريسي الشريف والانتساب الروحي للطريقة التيجانية، وحكمت إيالة أولاد حريز وأحوازها لمدة طويلة وأسست لقصبتها الشهيرة التي شكلت منطلق بروز مدينة برشيد.
واختتمت الندوة بمداخلات الحضور التي أغنت النقاش وطرحت أسئلة جديدة فتحت الباب لضرورة تعميق البحث حول تاريخ المنطقة والنبش في ذاكرتها.