اخبار

“أحيدوس ثيفسا”.. حُلة شبابية تحيي التراث الأمازيغي اللامادي بروح متجددة

يونس الركيك

في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الحداثة وتتآكل معه ملامح التراث، تبرز فرقة “أحيدوس ثيفسا” كواحدة من المبادرات الفنية الواعدة في مجال صون وإحياء التراث الأمازيغي اللامادي، وخاصة فن أحيدوس الذي يُعد من أهم الأشكال التعبيرية الجماعية في الثقافة الأمازيغية بالمغرب.

“ثيفسا”.. رمز الخصوبة والانبعاث اختارت الفرقة لنفسها اسم “ثيفسا”، وهو لفظ أمازيغي يحمل دلالة عميقة، إذ يرمز للفترة الممتدة من مارس إلى ماي، حين تثمر الأرض وتزهر الحقول بين نهاية الشتاء وبداية الربيع. وكما تُنبت الأرض خيرها في هذه المرحلة، تنبت الفرقة من صميم التربة الثقافية الأمازيغية، وتُثمر فنًا أصيلًا بروح شبابية متجددة.

إبداع شعري وإيقاع متزن في كنف الأصالة تعتمد فرقة “أحيدوس ثيفسا” على الشعر الأمازيغي كأساس تعبيري في عروضها، لكنها لا تكتفي بإعادة إنتاج القصائد القديمة، بل تبتكر نصوصًا جديدة تعالج قضايا معاصرة بلغة شعرية عميقة، تلامس الإنسان والبيئة والمجتمع، دون أن تفقد روح الإيقاع الجماعي الذي يميز رقصة أحيدوس.

كما أن حضور الشباب داخل الفرقة يمنحها طاقة متجددة ويخلق توازنًا بين الوفاء للتقاليد والانفتاح على الأساليب الحديثة في الأداء والعرض.

من التقاليد المحلية إلى خشبات المهرجانات لم تقتصر مشاركة الفرقة على السهرات المحلية، بل استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا محترمًا في عدد من التظاهرات الثقافية والمهرجانات الفنية، حيث مثّلت الثقافة الأمازيغية بأناقة، وقدّمت عروضًا نالت إعجاب الجمهور والنقّاد، لما فيها من تناغم بين الصوت، الحركة، والكلمة.

وتطمح “أحيدوس ثيفسا” إلى مزيد من الحضور على المستوى الوطني والدولي، إيمانًا منها بأن الفن الأمازيغي اللامادي هو رافعة حقيقية للحوار الثقافي والانفتاح الحضاري.

التراث اللامادي في أيدٍ آمنة و تُشكل تجربة “أحيدوس ثيفسا” نموذجًا فنيًا يُحتذى به في كيفية إعادة تقديم التراث بروح عصرية دون التفريط في المضمون الأصيل. وفي ظل التحديات التي تواجه الموروث الثقافي، تظل مثل هذه المبادرات دليلاً على أن التراث لا يموت، ما دام هناك من يؤمن به ويمنحه حياة جديدة.

وختامًا، فإن فرقة “أحيدوس ثيفسا” لا تقدم عروضًا فقط، بل تحمل رسالة فنية وهوياتية تسعى من خلالها إلى تعزيز مكانة الثقافة الأمازيغية في وجدان الأجيال الحالية والقادمة، وتُثبت أن صوت الدفّ لا يزال قادرًا على إسماع الماضي للحاضر.

شارك المقال شارك غرد إرسال