سيدي سليمان – يونس الركيك
في مشهد يُلخّص حجم المأساة الاجتماعية التي تعيشها بعض الأسر الهشة بسيدي سليمان، قامت أخصائية نفسية بزيارة ميدانية مفاجئة لإحدى الحالات التي هزت الرأي العام المحلي، ويتعلق الأمر بطفلة لم تتجاوز عشر سنوات تم رصدها في شريط فيديو وهي تستنشق مادة “السيليسيون” وسط حي شعبي، في وضع لا إنساني مؤلم.
الزيارة، التي تمت بتنسيق مع فعاليات جمعوية محلية وبتكتم شديد، كشفت عن واقع صادم يعيشه عدد من الأطفال الذين تُركوا فريسة الإهمال، والتشرد، والانحراف القسري. الطفلة، التي بدا على ملامحها الإرهاق النفسي والتشوش الذهني، لم تستوعب في البداية أسباب الزيارة، غير أن تفاعل الأخصائية معها، بلغة عاطفية هادئة وحنونة، مكّن من فتح كوة صغيرة في جدار الصمت.
دموع ثقيلة.. وواقع مر
سقطت دموع الطفلة فجأة حينما سألتها الأخصائية عن أحلامها، لتُجيب بصوت خافت: “بغيت غير نْنعس ليلة بلا خوف وبلا جوع”.. عبارة اختزلت حجم الألم، والحرمان، وضياع الطفولة في دوامة لا ترحم.
وحسب مصادر مطلعة، تعيش الطفلة في محيط أسري مختل، يغيب فيه الرقيب، وتنتفي فيه شروط الحماية والرعاية، ما جعلها تنخرط في مسارات خطرة، بحثًا عن مفرّ مؤقت من الواقع.
الأخصائية النفسية: “نحتاج تدخلًا عاجلًا”
في تصريح مقتضب بعد الزيارة، أكدت الأخصائية النفسية أن حالة الطفلة “ليست معزولة”، بل تعكس ظاهرة اجتماعية تنذر بالخطر، مشددة على ضرورة تدخل المصالح المختصة، من سلطة محلية ومندوبية التعاون الوطني، من أجل إيواء الطفلة في مركز رعاية وتأهيل، قبل فوات الأوان.
كما وجهت نداءً للآباء، قائلة: “طفلكم ماشي غير رقم فدفتر الحالة المدنية، راه كيان نفسي هش كيتشكل كل يوم، إما بالحب والرعاية.. أو بالإهمال والتدمير الذاتي.”
هل من أمل؟
رغم قساوة المشهد، فإن شعلة أمل خافتة لا تزال ممكنة، إذا ما تم تفعيل الآليات القانونية والتربوية والاجتماعية اللازمة. لكن السؤال العالق يبقى: هل تتحرك الجهات المعنية سريعًا، أم أن الطفلة ستظل مجرد حالة عابرة في ذاكرة النسيان الجماعي؟
