بمدينة خريبكة ما زالت دار لقمان على حالها: شهادات إدارية توزع كما توزع رخص السوق، وتقطيع لعقارات الدولة الخاصة وكأنها ملك عائلي. وهذه المرة ليست مجرد “خبطة عابرة”، بل فضح موثق ومستمر تُصر عليه المستشارة الجماعية حنان غزيل، التي لم تكلّ ولم تمل من مراسلة عامل إقليم خريبكة بشأن الخروقات المتتالية في ملف التعمير.
غزيل، وهي عضوة في مجلس جماعة خريبكة، وضعت أصبعها على الجرح من جديد، عبر شكاية رسمية بعنوان: شكاية بشأن إصدار شواهد إدارية مخالفة للقانون تخص عقارات مملوكة لملك الدولة الخاص. والمعني هذه المرة شهادة إدارية رقم 7386، الموقعة بتاريخ 2 نونبر 2022، من طرف النائب الأول لرئيس جماعة خريبكة، المكلف بقطاع التعمير، الذي تجاوز اختصاصاته وأعطى لنفسه الحق في الاقتطاع من ملك الدولة الخاص.
المشكل هنا ليس مجرد توقيع ورقي، بل هو خرق مزدوج: أولاً لأنه لم يتم عرض الملف على الشباك الوحيد للتعمير ولا على الوكالة الحضرية، كما يفرض القانون 12-90 و25-90. وثانياً لأن أي إجراء يهم عقارات الدولة يبقى حصراً بيد إدارة أملاك الدولة الخاصة، وليس بيد نائب رئيس جماعة حوّل التعمير إلى “ملعبه الخاص.
الشهادة أخطر من مجرد حبر على ورق، لأنها تُستعمل كغطاء قانوني لعمليات بيع وتقسيم عشوائية، حيث يقسم المستفيد بقعته ويبيع نصفها لشخص آخر، دون أي تحفيظ أو احترام للمساطر، لتخرج إلى الوجود بنايات من صنف “شقق السردين: عرضها ثلاثة أمتار، وارتفاعها إلى ثلاث طوابق، في مشهد لا يليق بمدينة بحجم خريبكة.
حنان غزيل لم تعد مجرد “صوت معارض” داخل المجلس، بل تحولت إلى جرس إنذار يفضح عبث نائب التعمير. مراسلاتها المتكررة لعامل الإقليم صارت أشبه بملفات تفضح منظومة كاملة من التواطؤ الإداري، حيث يتحول توقيع بسيط إلى “رخصة ضمنية” لتخريب العمران وتشويه صورة المدينة.
القضية لم تعد شأناً محلياً فقط. المسألة تتجاوز حدود مدينة الفوسفاط، وتستدعي تدخل وزير الداخلية شخصياً، لأن السؤال صار واضحاً: من يراقب توقيعات المنتخبين؟ ومن يضمن أن عقارات الدولة المحفوظة لا تتحول بقدرة شهادة إدارية إلى بقع للبيع في السوق السوداء.
وكذا فتح تحقيق إداري وقضائي عاجل في ملف الشهادات الإدارية المشكوك في صحتها، مع ترتيب المسؤوليات وتحريك المتابعات في حق كل من تلاعب أو استغل توقيعه لشرعنة الفوضى.