شهدت مدينة العيون قلب الصحراء المغربية، ليلة 28 نونبر 2025، حدثاً ثقافياً وسياسياً بارزاً تمثّل في توقيع كتاب «جلالة الملك محمد السادس: الملكية الثالثة – ربع قرن من القيادة العبقرية»، في أمسية فريدة تجمع بين الفكر والرمزية الوطنية.
وقد جرى حفل التوقيع في بيت شيخ شيوخ القبائل الصحراوية، الحاج إبراهيم ولد الرشيد، وهي في حد ذاتها دلالة قوية على مكانة المؤلَّف وعمق رسالته الوطنية. فقد اجتمع في هذا البيت العريق لفيف من شيوخ القبائل، والأعيان، ورجالات الفكر، والنخبة الصحراوية، ما منح اللقاء زخماً تاريخياً وروحياً يعكس مكانة الدكتور طارق اتلاتي ودوره الوطني.
افتُتح الحفل بكلمات ترحيبية تعبّر عن الاعتزاز بهذا العمل الفكري، الذي اعتُبر من طرف الحاضرين وثيقة تحليلية تؤرخ لمرحلة مفصلية من تاريخ المغرب الحديث، وتعكس صدق الانتماء الوطني والتشبث بالثوابت.
الحاج إبراهيم ولد الرشيد، باعتباره رمزاً للحكمة والوطنية، عبّر عن اعتزازه بأن تحتضن العيون توقيع كتاب يهمّ «الملكية الثالثة» ويوضح بالتحليل والبيان عمق مسار جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وقد أثنى الحاج ابراهيم ولد الرشيد على المؤلف، متوقفاً عند أهمية التوثيق العلمي للمسار الملكي في تعزيز الوعي السياسي والوطني لدى الأجيال القادمة.
يشكّل كتاب «جلالة الملك محمد السادس: الملكية الثالثة – ربع قرن من القيادة العبقرية» للدكتور طارق اتلاتي إضافة نوعية للمكتبة السياسية المغربية، نظراً لطبيعته التحليلية ولجرأته في تفكيك مسارات التحول التي عرفتها المملكة خلال خمسةٍ وعشرين عاماً من حُكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
الكتاب لا يكتفي بسرد الأحداث، بل يذهب أبعد من ذلك، إلى قراءة بنيوية لمسار الدولة الحديثة، من خلال مفهوم الملكية الثالثة كنموذج حضاري جديد يقوم على تجديد الدولة، تحديث المجتمع، واستشراف المستقبل عبر رؤية ملكية استباقية وواقعية في آن واحد.
ما يُميّز هذا المؤلف هو اعتماده على مقاربة مركّبة تجمع بين التحليل السياسي، قراءة التحولات الجيوستراتيجية، واستحضار البعد السوسيولوجي للتحولات المغربية، مما يجعل الكتاب مرجعاً يمكن العودة إليه لفهم طبيعة المشروع الإصلاحي الذي حمله جلالة الملك في مجالات التنمية، الدبلوماسية، الأمن، الاقتصاد، والسياسات الاجتماعية.
دلالات الكتاب ومنهجه
يقدّم الدكتور طارق اتلاتي في هذا العمل قراءة معمّقة لـثلاثة محاور كبرى:
- الملكية الثالثة كمنعطف تاريخي
حيث يبرز المؤلف الكيفية التي انتقل بها المغرب إلى نموذج ملكي حديث، يزاوج بين الشرعية التاريخية والابتكار المؤسساتي. - قيادة ملكية ذات رؤية استراتيجية
ويُبرز الباحث هنا عبقرية القيادة الملكية في تدبير الملفات الحساسة، وعلى رأسها ملف الوحدة الترابية، وتحديث الدبلوماسية المغربية، وتعزيز موقع المملكة قارياً ودولياً. - ربع قرن من النهضة المغربية
يتناول اتلاتي بالأرقام والوقائع ما تحقق في مجالات كبرى: البنيات التحتية، المشاريع المهيكلة، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، النموذج التنموي، والمسار التصاعدي للمغرب في ملفات الطاقة المتجددة، الأمن الغذائي، والاقتصاد الأخضر.
الكتاب يحمل رؤية فكرية رصينة ويشكّل إجابة معرفية دقيقة لمن يبحث عن تحليل رفيع لمسار المغرب في عهد جلالة الملك
يحمل توقيع هذا الكتاب في قلب الأقاليم الجنوبية دلالات عميقة، أبرزها:
التأكيد الرمزي على ارتباط العيون بالثوابت الوطنية وبالشرعية التاريخية للمغرب.
اعتراف من النخب الصحراوية بالدور الريادي للملكية في ترسيخ الاستقرار والتنمية في الجنوب.
تعزيز الجسر الفكري بين الباحثين والوجهاء الصحراويين، عبر مبادرة فكرية تُسهم في ترسيخ الوعي السياسي الرصين.
تثمين الدور الوطني للدكتور طارق اتلاتي في الدفاع العلمي والإعلامي عن القضية الوطنية لأكثر من عقدين.
إن هذا المؤلَّف لا يُعد كتاباً عادياً، بل عملاً تحليلياً يعكس مرحلة بكاملها؛ مرحلة عنوانها الإصلاح، الرؤية، والاستشراف. وتوقيعه بمدينة العيون، وداخل بيت رمز قبلي وطني كبير، منح هذا الحدث بعداً تاريخياً يُسجَّل في ذاكرة الثقافة السياسية المغربية.
فهو كتاب يزاوج بين العمق العلمي والالتزام الوطني، ويستحق أن يكون مرجعاً للباحثين وصنّاع القرار وكل المهتمين بفهم ديناميات المغرب الحديث تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله.