اخبار

يوميات طبيبة مشاغبة مع الدكتورة نورة بنيحيى (الحلقة 17)

كان المكان يغط في الظلام و لحسن حظي كنت أحفظ تفاصيله الصغيرة عن ظهر قلب…أصغت السمع لعدة ثوان قبل أن أتجه بتباث نحو غرفة المعيشة…إن لم تخني ذاكرتي فوالدتي كانت تحتفظ فيها داخل دولاب ورثته عن جدتي بمجموعة من الأشياء القديمة التي أصرت على الإحتفاظ بها رغم أنها لم تكن ذات أهمية و لازلت أتذكر بأن الشمع كان من ضمنها..تنفست الصعداء و هنأت نفسي على ذاكرتي التي لم تخذلني في هذه اللحظة…فتحت الصندوق و أنا أشعر بإحساس غريب و مجموعة من الصور تتسارع أمام عيني…رأيتني أركض أنا و إخوتي و نحن نملأ هذا البيت الريفي في عطﻹت الصيف التي كنا نقضيها به كل سنة…ضحكات و مشاجرات…تذكرت كم كان والدي ذلك الرجل الهادئ يجلس في زاوية الغرفة و هو يراقبنا بوسامته التي تذكرني بعمر الشريف…حتى أنني كنت و لازلت أجده أكثر وسامة و جمالا منه ليس لأنه والدي لكن لأنه كان رجلا ذو ملامح جذابة…لم يمنعني ذلك من الإستمرار بالبحث عن الشمع لأضئ هذا المكان الذي قررت فجأة أن آتي إليه دون سابق إنذار…كانت حياتي قد بلغت درجة من التوتر جعلتني أركب سيارتي و أقطع 700 كلم إلى أن وصلت لمسقط رأسي لعلني أرتاح من صخب الحياة لبضعة أيام…نجحت أخيرا في إشعال الشمع و بدأ الظلام يختفي شيئا فشيئا…جلست على نفس الكرسي و لم أشعر إلا و النعاس يأخذني…فبالإضافة لتوتري كانت السياقة طيلة اليوم مرهقة جدا…لا أعرف كم من الوقت ظللت على هذا الحال لكنني لن أنسى ذلك الصوت الذي أيقظني مفزوعة…فركت عيناي المنتفختين من قلة النوم و إستعذت بالله من الشيطان الرجيم…رغم ذلك تفاقم شعوري بعدم إرتياح خاصة أنه كان لدي شبه يقين بأنني لم أكن الضيفة الوحيدة بالبيت…حركة هواء إلتقطتها أذني كانت كافية لكي أعرف مصدر الحركة…إستدرت بسرعة لأتفاجأ بالضيف الغريب و هو يرمقني بعينيه الرماديتين قبل أن يطلق عواء تجمدت معه أطرافي…لم يكن الوافد سوى ذئبا يتطاير الشرر من عيونه و على أهبة الإستعداد للإنقضاض علي…رباه ما الذي إقترفته يداي حتى تكون نهايتي دموية في مكان معزول عن العالم…شعرت بدوخة و خارت رجلاي لأسقط مغمى علي من الرعب…لا أدري كم من الوقت مر فكلما أتذكره أنه كان هناك من يلطم برفق وجهي و ينادي بإسمي..نورة إستفيقي…نورة…فتحت عيناي بصعوبة شديدة لأجد صديقتي هي من كانت توقظني…نظرة واحدة إليها كانت كافية لأشعر بالفزع…فرغم الإبتسامة المرسومة بعناية على شفتيها إلا أن عيونها كانت تفضحها…فبداخلها تعرفت على نظرة الذئب..تلك النظرة المليئة بالغدر….

شارك المقال شارك غرد إرسال